07 - 07 - 2025

مؤشرات | صندوق النقد اشتراكي والحكومة رأسمالية!

مؤشرات | صندوق النقد اشتراكي والحكومة رأسمالية!

المترو خارج حسابات الحكومة.. هذا خلاصة قرار وزير النقل، ممثلا للحكومة، برفع اسعار التذاكر بنسبة وصلت في أعلاها إلى 250 بالمئة، وفي أقلها 50 بالمئة، وتلك أكبر زيادة في تاريخ أسعار المترو منذ تشغيله في البلاد قبل نحو 31 عاما، وتحديداً في العام 1987.

المترو هو أهم وسيلة مواصلات في القاهرة الكبرى، ويستخدمها الجميع، فقير وغني، رجال وسيدات، شباب وكبار، وأصبحت الوسيلة المفضلة والأسهل والأسرع للجميع، وأحد وسائل مواجهة ارتفاع اسعار النقل في البلاد.

إلا أن الحكومة لا ترى كل هذا، فقد خرج علينا الوزير ويقول "لقد تأخرنا في اتخاذ القرار"، و"ضميري مرتاح وأنا أتخذ القرار"، وأن المتأثرين بقرار الزيادة 10% فقط، بل خرج مسؤول آخر من إدارة مترو الأنفاق ليقول "الناس عندها موبايل وإثنين".

ربما يكون هذا مقبولاًفي ظروف أخرى، ولكن وبحسبة الوزير فان نسبة الـ10 بالمئة تعنيآآ  ببساطة أن هناك 360 ألف مواطن سيتأثرون يوميا بالقرار، فعبدما كانوا يدفعون أربعة جنيهات في الرحلة ذهابا وعودة، الآن وبعد الزيادة يدفعون 14 جنيهاً، أي ما يقارب 400 جنيه شهريا بعدما كانت حساباتهم تقف عن 120 جنيها.

الغريب في الأمر أن القرار جاء بعد يوم واحد فقط من مطالبة الرئيس السيسي لرئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي بمراعاة الفئات الأكثر احتياجاً في القرارات الإقتصادية، خاصة تلك التيتتعلق بالإصلاح الإقتصادي، فبدلاً من اتخاذ قرار تخفيف عن الناس، جاء القرار الصادم للجميع.

الصدمة كانت قوية على الجميع، حتى أن نواب البرلمان تبرأوا من القرار، وناشد بعضهم الرئيس بالتدخل، والتمهل في مثل هذه القرارات، ومراعاة أوضاع الناس، والظروف الإقتصادية الراهنة، بل وصل الأمر من البعض أن أعلنوا أنهم في وضع محرج أمام ناخبيهم وأبناء دوائرهم!.

وسادت حالة من الوجوم بين ركاب المترو وغيرهم، فيما تخوف الناس من أن يمتد الغلاء إلى مختلف وسائل المواصلات، ويستغلها البعض في رفع أسعار تعرفة الركوب للمواصلات الخاصة.

وسادت بين الناس حالة السخرية من تبريرات ومقارنات الحكومة لأسعار المترو بنظيرتها في دول أخرى، لأن المقارنة غريبة، وتقتصر على أسعار التذاكر، ولا تضع الدخول في دول المقارنة كأحد معايير الإستدلال الصحيح، والعادل، وكذلك حالة المترو في بلادنا وحالته في دول أخرى.

ومن الأمور الملفتة هو حالة الإستنفار الأمني التي اتخذتها الحكومة في أعقاب الإعلان عن تطبيق القرار، وتحويل المحطات إلى ثكنات عسكرية، فكان الأولى بالحكومة أن تتبع أسلوب التهدئة بدلا من حالة الترهيب، وكأن الحكومة "على رأسها بطحة"، فبدلا من أن توافق على مطلب صندوق النقد الدولي بتطبيق ضريبة تصاعدية على الأغنياء والتخفيف عن الفقراء، لجأت إلى تمويل عجزها عن طريق التمويل من المطحونين والأكثر طحنا.

وأعجبني تعبير أحد المواطنين بقوله "إن صندوق النقد الدولي أصبح إشتراكياً، فيما أن حكومتنا أصبحت غولا رأسماليا"، ترفض توصيات الصندوق، والذي كنا نظل نصفه بالتوحش والتغول على حقوق الفقراء، وأطلقنا عليه "صندوق النكد الدولي"، إلا أن الزمن تغير كثيراً ويوما بعد يوم نرى وجوها حقيقة وكاشفة لحكومتنا الرشيدة!.

والأخطر ما هو قادم فتفصلنا أسابيع عن نهاية السنة المالية، وبداية السنة المالية الجديدة، والتي ستحمل أخبار أكثر قسوة على الجميع، فبنود الإتفاق بين الحكومة وصندوق النقد ملزم برفع اسعار استهلاك الكهرباء ومشتقات البترول في أول شهر يوليو المقبل، ومن المقرر أن يكون هذا "عدية الحكومة لشعبها"،.. وليس أمامنا سوى أن نقول "اللهم اكفنا شرور هدايا حكومتنا"

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | حادث